إذا كانت الحاجة هي أم الإختراع، فالتكنولوجيا هي (أبو) الإبتكار
إن كان في مجال المواصلات أو تبادل المعلومات أو صناعة الأغذية و الزراعات، فإن الهدف الأسمى للتكنولوجيا هو إيجاد حلول للمعضلات التي نواجهها في حياتنا عموما، أو تحسين العمليات القائمة حاليا في شتى المجالات
و لكن، عادة ما يكون ثمن هذه التكنولوجيا هو أثر بيئي سلبي، يصعب علينا التخلص منه، أو اتقاء شره القادم من شرق أو غرب، من سماء أو من بحر. مثالا صغيرا: يتسبب صنع جهاز آيفون واحد بانبعاث حوالي 60 كيلوجرام من ثاني أوكسيد الكربون أو ما يعادله من ملوثات
و طبعا، تحاول بعض الشركات العملاقة الحد من آثار عملياتها السلبية على البيئة، كشركة نايكي على سبيل المثال، و التي أثبتت فعالية التدوير على نطاق واسع من خلال برنامجها لإعادة تأهيل الأحذية المستعملة -أعزكم الله-، أو شركة 1&1 لاستضافة المواقع الإلكترونية و التي تُعد مراكز بياناتها من الأكثر كفاءة عالميا، إذ تمنع عملياتها تسلل 30,000 طن من انبعاثات ثاتي أوكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي. حتى القطاع المالي له مواقفه التي تُحسب له، حيث خصص البنك الدولي مبلغ 16 مليار دولار في 2016 لتمويل مشاريع و برامج مكافحة تغيير المناخ
و لكن، للشركات الصغيرة و الناشئة أيضا نصيبها الطيب من جهود إصلاح ما يمكن إصلاحه بيئيا. إذ تسعى هذه الشركات بتقنياتها الجديدة و المبتكرة إلى إنتاج طاقة نظيفة و تقليل الأثر الكربوني السلبي و تنقية مصادر المياه، و ذلك على سبيل المثال طبعا، لا الحصر
و أذكر هنا ثلاث من هذه التقنيات لكل من الرياح و الهواء و الشمس
أولا: توربينات الرياح
على الرغم من شعبيتها في إنتاج الطاقة المستدامة، لتوربينات الرياح سلبيات متأصلة لا يمكن التغاضي عنها، كحجمها الكبير و ضجيجها و تعطيلها لحركة بعض الطيور في الطبيعة. و لحل تلك المعضلة، ابتكرت شركة فورتكس بليدليس توربينات هوائية مستغنية عن الشفرات الضخمة التي تدور لتنتج الطاقة، و إنما تتم عملية الإنتاج عن طريق الذبذبات الناتجة عن هبوب الرياح في اتجاهها. و من المتوقع أن تخفض هذه التقنية الأثر الكربوني بنسبة %40 مقارنة بنظيراتها التقليدية
ثانيا: أبراج تنقية الهواء
تعاني العديد من المدن من تلوث مزمن في هوائها، كبيكين في الصين و دلهي في الهند. و قد أدرك ذلك كل من دان روزجارد و بوب أورسيم و قاما بابتكار و تشييد برج يبلغ طوله 7 أمتار و يقوم بشفط الهواء الملوث من حوله و تنقيته و من ثم إعادته إلى الجو كيوم هبط نقيا على الأرض. باستطاعة هذا البرج أن يقوم بتنظيف 30,000 متر مكعب من الهواء في الساعة، و حاليا يحل البرج ضيفا على مدينة روتردام في هولندا
ثالثا: أسقف الطاقة الشمسية
منظر الألواح الشمسية أصبح مألوفا في جميع أنحاء العالم. و لكن إيلون ماسك، عبقري التقنيات المبتكرة، أسس شركة تدعى سولار سيتي تسعى إلى صناعة الأسقف المنزلية (أو المعمارية عموما) التي تنتج الطاقة من أشعة الشمس بذاتها و بدون الحاجة لتغطيتها بتلك الألواح الزرقاء. هذه التقنية، و بالشراكة مع تقنيات أخرى ابتكرها إيلون، ستسمح للبيوت بالتخلي التام عن الشبكة الكهربائية التي تمد المدن بالكهرباء حاليا